الصقر ..قلب الأسد

الكلمات التالية لا تأتي من قبيل الإطراء والمديح .. ولكنها توصيف وتقدير موقف لمرحلة تاريخية في مشوار الكرة المصرية ، حيث يتشكل التاريخ بتأثيرات أشخاص لهم القدرة على العطاء وتحويل مثار الأحداث والوصول بها إلي محطات الإنجاز .. مشاهد كثيرة لاتغادر الذاكرة مطلقاً .. وكم من بطولة تحققت لمصر كان أحمد حسن عنصراً فاعلاً في تحقيقيها .

هذا اللاعب الذي عرفته وتابعته قبل 13 عاما يخالف الطبيعة البشرية حيث لايملك كسائر بني الإنسان قلباً بحجم قبضة اليد وانما في تقديري أن أحمد حسن قلب بحجم إنسان فهو بكاملة مضخة قادرة على دفع الدماء إلي شرايين فريق بأكملة يستطيع أن يحوله إلي طاقة متأججة على مدى زمن المباراة أو البطولة أو الموسم بأكمله .. وهذا ما يجعل دور هذا النجم المميز الذي لايراه غير الخبراء أكبر كثيراً من مجرد تمريرة سليمة أو خاطئة أو تسديدة محكمة على المرمى أصابت وهزت الشباك أو خابت وخرجت بعيداً.. وجود أحمد حسن في فريق يمثل امدادات مستمره من الطاقة والعطاء والأهم أن يكون محور أساسي تسلكه كل أمور أعضاء الفريق سواء كانت متعلقة بكرة القدم وأداء وظائفهم داخل الملعب أو متعلقة بأمورهم الشخصية والحياتية لكل منهم فيوجهها إلي مسارات الحلول العملية والأنسانيه ..

وهذا حتى قبل أن يحمل على كتفه شارة (كابتن مصر).

بعد شهور قليلة من انضمامه للمنتخب الوطني الأول في تجربة لم تكن ناجحة بالدرجة المأمولة في كأس الأمم الأفريقية عام 1996 على المستويين العام والخاص حدث تحول كبير في حياته ليخطوا نحو درجات من النجومية أرتقاها بسرعة لم يكن الكثيرون يتوقعون أن يصل أليها .

كانت تلك الفترة هي المحطة المرحلية في حياته ولكنها لم تكن وليدة صدفة لأن هذا الشاب الذي جاء من مغاغة أحدى مواطن النبوغ في أرض مصر نبت على التمسك بمباديء وقيم أصيلة خرج بها من بلدته فكانت المنارة التي يهتدي بها مهما اعترت حياته من غيوم او ابتعد عن أرضة وأهله وكانت هي الحاكم لكل تصرفاته ..،فحينما كان محور خلاف بين الأهلي والأسماعيلي على التعاقد معه بعد أن تألق في صفوف الدراويش .. كان تعامله مع هذا الصراع محكوم بمباديء جعلته يحظى بأحترام الطرفين المتنازعين فلم يسلك مثل غيره ويتاجر بهذا ويزايد على ذاك ويتلاعب بالطرفين .. ولكنه ترك الأمور تسير في مسارها القانوني وهو يستند إلي جدار عالي من القيم والأخلاق الراقية جعلت القضية تنتهي من دون أن تنال من مكانته وسمعته بل على العكس

وكانت من اول الموجات والمواجهات العاتية التي هبت على حياته الكروية فعبرها بثبات ليخطوا خطوات واثقة على سلم النجومية ويبدأ رحلة أحترافية في تركيا حقق خلالها نجاحات كبيرة حتى أصبح علامة مميزة للتميز والالتزام في الأحتراف فكان ولايزال موضع ثقة كل من تعاملوا معه في الأندية التي لعب لها وخاصة بشكتاش بكل مكانته الكروية في تركيا . وبعد هذه الرحلة كان أنتقاله إلي بلجيكا للعب في أحد أكبر أنديتها ــ اندرلخت ــ فأصبح أبرز نجوم الفريق واللاعب ذو التأثير ولم يكن من الممكن أن يتركه اندرلخت لوا أن أحمد حسن ــ الملقب بلصقر ــ قد رآى أن الوقت قد حان للعودة إلي بلده حيث لابد أن يربي أولاده في البيئة التي يأمن فيها على قيمهم ودينهم ولكي يكون أقرب لأهله ومجتمعه يسدد لهم ضريبة تفرضها عليه أخلاقة وتربيته وتعاليم دينة فالما كان قرار العودة وقف أمام خيارين ـــ تشاورنا فيهما عدة مرات النجم الكبير وكاتب السطور ــ كان الأول عرضا ماديا ضخما ومغرياً جداً من الزمالك والثاني أقل ماديا وربما بكثير من الأهلي .. ولكنه كان مدعوماً بعوامل أخرى ومقومات تتناسب مع قيم الصقر وطموحاته وأحلامه وأسلوبة الاحترافي والانساني في التعامل يزكيه حلم قديم بأن يكون جزء من تاريخ القلعة الحمراء ، وقد كان .

جاء اختياره بعيداً عن أغراء المال فأصبح بالفعل قيمة كبيرة في عصر التفوق الأهلاوي ليضع في ألبومه صور جديدة لمشاهد من الانجازات فالدوري وكأس دوري أبطال أفريقيا من اللقطات المهمة جداً في حياته لتضاف إلي مشاهد أخرى كثيرة .

فمن منا ينسى صورة هدفه في مرمي جنوب أفريقيا في نهائي كأس الأمم الأفريقية عام 1998 ..هدف نادريلمع في صفحات الكرة المصرية والأفريقية .

من منا ينسى صور لتألقه في كأس أفريقيا 2006 وأختياره أحسن لاعب في البطولة .

من ينسى صورة التكريم الكبير في بلجيكا وهو يتسلم درع من اندرلخت وسط حشود جماهيرية ضخمة والجميع يهتف بكل حماس للفرعون المصري .

هذه وغيرها صور خالدة لنجم ساهم في إسعاد الملايين وأصبح مؤهلاً لأن يكون من الأعمدة التي ترتفع عليها صروح الكرة المصرية في مستقبلها أن شاء الله تعالى .

وهذه السطورلاتجسد بالقدر الكافي حالة قيمة من القيم الكروية المصرية فمساهماته في انتصارات الكرة المصرية والدعم لجوانب اجتماعية في خدمة وطنه وبلدته ومجتمعه بعيداً عن الملعب يكشف جانب من ملامح هذه الشخصية المميزة التي خرجت من أرض مصر ونجحت بلا واسطة ولا محسوبية .. وأتمنى أن يضع أحمد حسن نصب عينيه أن مايزال أمامه الكثير داخل الملعب وخارجه . الصقر ..قلب الأسد 26251

رمضان كريم

الله اكرم

» الصقر " الصائم " يقود المنتخب المصرى لتحقيق فوزاً غالياً على رواندا بهدف نظيف