دخل علاء الدين متأخرا إلى قسمه، فزاحم زملاءه في المقاعد الأمامية المخصصة للمتفوقين من التلاميذ. ضاقوا منه وأشاروا إليه مستهزئين.. "أنت كسول ومكانك في نهاية الفصل.." وأشار عليه المعلم بسبابته بأن يعود إلى مكانه في آخر مقعد في الفصل قائلا له:" حينما تحفظ دروسك وتستوعبها جيدا تعال واجلس في المقدمة. أما الآن فإذا كتبت تاريخ اليوم مضبوطا وبدون أخطاء فسوف أتنحى لك عن مكتبي." فانفجر التلاميذ ضاحكين.
نظر إليهم علاء بنفور. ثم قفز إلى السبورة وكتب عليها بخط واضح وجميل: الاثنين 1 أكتوبر 2019
اندهش المعلم وسكنت حركات التلاميذ وخمدت هتافاتهم الاستهزائية الساخرة. وعاد علاء وأخذ مكانه في المقعد الأول رغم معارضة زملائه. في حين ابتسم له معلمه ولم يأمره بمغادرته. فغضب التلاميذ ورموا علاء بالغباء. ثارت ثائرة علاء، وكادت أن تنشب معركة هوجاء بينه وبين زملائه لولا أن تدخل المعلم مقترحا إجراء مباراة للفصل بينهم. فانصاعوا مرحبين باقتراحه عدا علاء الدين الذي مضى بفتور شديد إلى السبورة مع رفاقه الست المتحمسين.
أعلن المعلم عن بداية المباراة قائلا:
ـ بماذا ترغب أن نبدأ يا علاء؟ بالخط؟ أم النقل؟ أم الإملاء؟...
قاطعه علاء قائلا وهو ينظر إلى زملائه الواقفين بجانبه:
ـ هذه مواد أراها جديرة بأطفال أمثال سعيد وسليم وسعاد وسلوى...
ـ وفيما يريد أمثالك أن يمتحن إذن؟ في الألعاب الإلكترونية؟
ـ في التكنولوجيا، في الفلسفة، في علم الفلك، في الفيزياء النووية، في الطب، في علم الذرة...
بينما ظل المعلم صامتا يحدق في وجه علاء مندهشا، وشوش التلاميذ فيما بينهم قائلين:" من يدعي نفسه هذا الكسول ؟"
فالتفت إليهم ورد عليهم رافعا رأسه في السماء:
ـ أنا انشتاين زماني، أنا سقراط ألألفية الثالثة، أنا ابن خلدون، أنا ابن رشد...
فانكمش الأطفال فاغرين أفواههم وانبهر المعلم من طلاقة لسان علاء الدين وفصاحة قوله، وما يجري على لسانه من نظريات ومعادلات لم يفهم منها غير القليل. فرشحه على الفور عضوا في برلمان الطفل بدل أخيه عز الدين. حينئذ تنفس علاء الصعداء وصافح زملاءه واحدا واحدا ثم ودعهم قائلا:
ـ سأبذل كل جهدي لتكونوا في الطليعة...
فدعوا له بالتوفيق ومضى علاء خارجا دون أن يلتفت وراءه