فان نسيت الام رضيعها فهو لا ينسانا ابدا لانه نقشنا
على كفه ونحن فى حدقة عينه ...........
نشكرك الهنا الحنون على اهتمامك ورعايتك
لاولادك
مات زوجها و كان عاملا فقيرا و ترك لها طفلين ..
و كانوا يسكنون فى حجرة ضيقة بأحد الأحياء الفقيرة .
و لم يكن لهذه الأرملة سند ، لا من مال و لا من رجال
و كانت ترفض أن يكون لها سوى المسيح الذى كانت تطلب
بحسب وعده أن يكون زوجا للأرملة و أبا للأيتام
كان يقينها الشديد برعاية الله و عنايته و إيمانها بوجوده فى حياتها يخجلنى
خجلا شديدا ، و كنت أود من كل قلبى أن أعرض صورة هذه
الأرملة الفقيرة أمام الذين يتذمرون و يسخطون و هم غير شاكرين و لا مكتفين
بما عندهم ، رغم كثرة ما يملكون .
كانت بصعوبة شديدة و بعد إلحاح منى تقبل شيئا من المساعدة ،
و أخيرا أقترحت أن تعمل بيديها ما دام لها قدرة على العمل ....
و فى الحقيقة لم تكن لها قدرة على العمل بسبب ضعفها و ضيق ظروفها
و لكننى شجعتها على العمل لكى يكون مبررا لمساعدتها دون أن ترفض ،
فكانت تعمل بعض الأعمال المنزلية على قدر طاقتها
و كنا نحاول ان نعطيها فكانت لا تقبل سوى الكفاف ...
كان مسلكها يبكتنى ، قناعتها ، فرحها الروحى ، صلواتها المتصلة الدائمة
و تسبيحها و هى تعمل بيديها ، شكرها العميق لله على أقل
نصيب ممكن من أمور هذه الحياة ...
و من الأمور العجيبة التى أكتشفتها بالصدفة
إنها كانت تدخر من القروش القليلة التى كانت تصل إلى يديها ..
فقد وجدتها مرة فى دير القديس مارمينا و لم يكن فى ذلك اليوم رحلات و لا عربات ،
سألتها كيف حضرت إلى هنا ؟ قالت بالقطار ثم سيرا على الأقدام .
و قد علمت إنها خبزت خبزا بما إدخرته و حملت الخبز على رأسها كل هذا الطريق إلى الدير .
إننى أعرف إنها متعلقة بالقديس مارمينا ، و لكن هل إلى هذا الحد ؟
و قضت باقى اليوم تغسل و تخدم و تمسح الأرض بفرح عجيب و سعادة غامرة .
إنها حقا تعطى كما قال الرب "من أعوازها بل كل معيشتها "...
مثل أيام أليشع : جاء أبنها الأصغر - 6 سنوات - من الدرسة و طلب شيئا ليأكل ،
و قالت الأم ليس عندنا شىء و لكن اذهب و أشترى لنفسك بقرش فولا ،
و كان هذا هو كل ما تملك فى ذلك اليوم .
ذهب الولد و عاد بطبق الفول ، وضع قليلا من الملح ثم طلب زيتا ،
و لم يكن عندها و لا دهنة زيت و قد غسلت أربعة زجاجات كانت عندها ،
و وضعت الزجاجات نظيفة مقلوبة على فوهتها تحت منضدة صغيرة
بالحجرة خلف ستارة هى قطعة من قماش قديم ...
تأسفت لأبنها عن عدم وجود زيت ، و طمأنته أنه عما قريب سيرسل الرب لها نقودا لأجل التموين .
فصرخ الولد متبرما و محتجا من إنه لابد من وجود زيت ،
و كانت هى بهدوء شديد و قلب منكسر تطيب خاطره و تهدىء من روعه ،
و تحثه أن يشكر الله المعتنى بهم ، و رشمت له الصليب على طبق الفول و قالت له كل يابنى ،
و لكن الولد فى إصراره و عناده ، قال لأمه "أنتى مخبية الزيت و أنا لازم أجيب الزيت "،
و مد الولد يده خلف الستارة تحت المنضدة حيث الزجاجات و إذا به يخرج يده و الزجاجة ملآنة إلى آخرها .
زاد الولد فى الصراخ مؤكدا إنها أخفت عنه الزيت ....
و لكن المرأة بحاستها الروحية أدركت بسرعة فائقة أن الرب عظم الصنيع معها ،
فأجابت الطفل بفطنة قائلة سامحنى يابنى نسيتها .
و وضع الولد الزيت و قالت له ينبغى لنا أن نشكر الله ، فصلى و أكل ..
و قد جاءتنى المرأة يومها و هى تسبح الله ، لقد وجدت الأربع زجاجات ملأى بالزيت
فأرسلت زجاجتين لدير مارمينا و ذهبت بواحدة إلى الكنيسة المرقسية و أحتفظت بواحدة لها
و حفظت هذا السر فى قلبها لم تخبر به أحدا من الناس
لأنها كانت تشعر أن معاملات الله معها و رعايته لها هى أمور خاصة جدا لا يجب إذاعتها ...
لقد آمنت بأن الله أخذ مكان زوجها و قد حقق وعده معها إنه زوج الأرملة و أب الأيتام .
و كان لها منهج الأباء القديسين فى إنكار الذات و إن كان الرب يعمل معهم آيات خارقة
و لكنهم احتفظوا بإتضاعهم كدرع واق ضد مكائد العدو